16 نوفمبر 2024, 9:19 م
إذا كانت شاشة الحاسوب أو التلفاز تؤلم عينيك، وهي مشكلة يشار إليها أحيانا باسم متلازمة رؤية الحاسوب، فهناك مجموعة من المشاكل التي قد تكون السبب في هذا الألم، ويمكنك من خلال بضع خطوات بسيطة التأكد مما إذا كانت شاشتك تلحق الضرر بعينيك أم لا، كما يمكن لهذه الخطوات توفير بعض الحلول والمواصفات التي يجب أن تحرص على توفرها في شاشتك التالية.
قال الكاتب “جون ألكسندر”، في التقرير الذي نشره موقع “بوبيولار ساينس”، إنه مع ازدياد العمل على الحاسوب، أصبح الناس يلقون باللوم على شاشاتهم في إصابتهم بآلام العينين أكثر من أي وقت مضى، وهذا اعتقاد له أساس جيد من الصحة، إذ تشير إحدى الدراسات في مجلة “نيتشر” إلى أن استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الحاسوب والهواتف والأجهزة اللوحية لمدة تصل إلى 3 ساعات يوميا يمكن أن يساهم في “متلازمة رؤية الحاسوب”.
وتشمل أعراض “متلازمة رؤية الحاسوب” سيلان دموع العينين، والرؤية المزدوجة، وجفاف العينين، وآلام العين العامة وغيرها من الأعراض التي تم التعرف عليها في دراسة مقطعية لمتلازمة رؤية الحاسوب، بعبارة أخرى، أي نوع من الألم أو الانزعاج المرتبط باستخدام الشاشات هو جزء من هذه المتلازمة، لذلك، إذا وجدت أن عينيك تؤلمانك أثناء النظر إلى الشاشات أو بعد النظر إليها مباشرة فقد تكون مصابا بالمتلازمة.
ومع ذلك، فإن ملاحظة وجود بعض الأعراض لا يعني بالضرورة تشخيصا حقيقيا للمتلازمة، فقد تكون ببساطة قد أصبت بمشكلة أخرى أثناء استخدام الشاشات التي يستخدمها معظمنا بشكل منتظم.
وأوضح الكاتب أن هناك العديد من المشاكل المحتملة التي يمكن أن تحدث نتيجة كثرة التحديق في الشاشات، ومن بين الأسباب المحتملة الشائعة:
إذا لم تكن شاشتك على ارتفاع مناسب، فإنك على الأرجح ستشعر بألم في رقبتك في مرحلة ما، لكن دراسة أُجريت في بيئة مكتبية تشير إلى أن الشاشات الأعلى تسبب إجهاد العين بمعدل أكبر من الشاشات الأقل ارتفاعا، حيث يفضل معظم الناس أن تكون شاشاتهم في مستوى نظرهم أو أن تكون منخفضة إلى حد ما، ومن المحتمل أن تكون شاشتك مزودة بخاصية ضبط الارتفاع، لذا إذا وجدت أنها مرتفعة للغاية، فخذ الوقت الكافي لتعديلها.
“إذا جلست قريبا جدا من التلفاز، ستصاب بالعمى” تبدو هذه النصيحة كأنها نصيحة أبوية من حقبة ماضية، خاصة مع مدى قربنا من شاشاتنا وهواتفنا كل يوم، ولكن هل تؤثر مسافة المشاهدة بالفعل على مدى إجهاد أعيننا؟
في الدراسة نفسها المذكورة أعلاه، تبين أن المشاركين يفضلون مسافات المشاهدة التي تتراوح بين 60 و100 سنتمترا، وأن الشاشات الأقرب من المسافة المفضلة تسبب زيادة الإجهاد البصري، ويمكن في هذه الحالة أن تحرك شاشتك على مكتبك أو أن تغير موقع كرسيك، كما يمكنك استخدام حامل للشاشة على الحائط إذا كنت تستخدم مكتبا ضيقا.
وأشار الكاتب إلى أن الآراء اختلفت حول تأثير حجم الشاشة على العينين، وكل رأي تدعمه أبحاثه الخاصة، لكن الأرجح أن تكون شاشة الحاسوب الأصغر حجما أفضل لعينيك، ولكن هناك حالات تكون فيه الشاشات الأكبر حجما أفضل أيضا.
إذا قمت بالبحث عن حجم الشاشة وصحة العين، فمن المحتمل أن تصادف إشارات إلى دراسة لمجلة “بي إم سي” لطب العيون حول تكيف العين عند استخدام الأجهزة الذكية، التي تشير إلى أن الشاشة الأصغر حجما كانت أكثر ضررا، لكن هذه الدراسة استخدمت جهاز آيفون إكس آر وجهاز آيباد مقاس 9.7 بوصات، وكلاهما لا يستخدمان أيضا بالطريقة الثابتة التي تستخدم بها الشاشات، بالإضافة إلى ذلك، فقد ركزت الدراسة على قياسات محددة لقدرة العين بدلا من التركيز على راحة العين بشكل عام.
ولكن عندما ننظر إلى أنماط الاستخدام الأكثر شيوعا للشاشات وصحة العين بشكل عام نجد أن النتائج مختلفة، يبدو أن الشاشات الأصغر حجما هي الأفضل، ووفقا لأخصائية البصريات د. جينيفر لايرلي فإن الشاشات الأصغر حجما أكثر راحة للعينين، حيث استشهدت بدراسة أظهرت أن الموظفين الذين يستخدمون شاشات الحاسوب المحمول الصغيرة يعانون من أعراض أقل لإجهاد العين من أولئك الذين يستخدمون الشاشات الكبيرة.
وأفاد الكاتب بأن معدل التحديث ووميض الشاشة قد يكونا هما المشكلة، ولكن من غير المرجح إلى حد ما أن يكونا كذلك، فالبشر يتوقفون عن استشعار الصور الفردية ويبدؤون في إدراكها كأجسام متدفقة عند معدل 50 هرتز، أو 50 صورة فردية في الثانية، وأقل من هذا المعدل قد يسبب وميض الشاشة غير المحسوس إزعاجا في كثير من الأحيان، ومع ذلك، فإن الحد الأدنى النموذجي للشاشات اليوم هو 60 هرتز، وهو ما يقلل إلى حد كبير من وميض الشاشة المزعج للعين إن لم يكن يلغيه تماما.
كما أن العديد من شاشاتنا المفضلة لإجهاد العين تعمل عند مستوى 60 هرتز وما بعده، كما يمكن تقليل وميض الشاشة بطرق أخرى غير زيادة معدل التحديث، على سبيل المثال، تستخدم تقنية فيوسونيك الخالية من الوميض مصدر ضوء واحدا مستمرا بدلا من التدوير السريع لمصدر الضوء لتغيير مستويات السطوع.
وقال الكاتب إن معظم الناس يفضلون الصور العالية الدقة للحصول على تفاصيل أكثر وضوحا وصورة أوضح، ولكن هل يساعد ذلك على حماية العينين؟
ويلفت أحد التقارير الصادرة عام 2022 من مجلة “ريفيو أوف أوبتوميتري” إلى أن الشاشات ذات الدقة الأعلى قد تقلل من إجهاد العين لأنها تقلل من التأخر التكيفي (الوقت الذي تستغرقه العين للتركيز على جسم أقرب من الجسم الذي تم النظر إليه سابقا).
وبينما تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأشخاص يستمتعون بالصور التي بدقة 8K أكثر من الصور التي بدقة 4K، إلا أنه لا يوجد ما يؤكد بشكل قاطع أنها تؤثر على إجهاد العين.
الضوء الأزرق
ونوه الكاتب إلى أن الضوء الأزرق غالبا ما يتحمل المسؤولية الكاملة عن كل أنواع إجهاد العين، ولكن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك، ومن السهل أن تصاب بالذعر نظرا لاستخدام صفات مثل “ضار” أو حتى “مميت” من قبل الشركات المصنعة التي تحتوي شاشاتها على مرشحات للضوء الأزرق، ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الضوء الأزرق ليس بالعدو الذي تظنه، لكنه قد يؤثر على فسيولوجية نومك وقد يؤثر على عينيك.
لذلك، لا تقلق بشأن الضوء الأزرق، وبدلا من ذلك ضع خطة لتجنب قلة النوم بسبب ضوء الشاشة أيا كان لونه.
وبين الكاتب أن مستوى سطوع الشاشة قد يكون أحد أسباب إجهاد العينين، لذا تنصح الجمعية الأمريكية لأطباء العيون بتقليل سطوع شاشتك، ويمكن فعل ذلك من خلال عناصر التحكم في السطوع والتباين في الشاشة التي تخفف من حدة الضوء الساطع.
وأوضح الكاتب أن أنماط الإضاءة الخلفية المختلفة (QLED / OLED / mini-LED) أصبحت رائجة في أجهزة التلفاز الاستهلاكية هذه الأيام، حيث يصعب أن يكون هناك جهاز تلفاز عالي الجودة من دون أحدها.
ورغم أن الأبحاث في هذا الشأن ليست قاطعة، فإن أنماط الإضاءة هذه ليست مؤذية للعينين على الأرجح، على سبيل المثال، أظهرت دراسة أُجريت عام 2020 أنه رغم أن تقنية “أو إل إي دي” لا تزال تضر بخلايا العين، فإنها كانت أقل ضررا من إضاءة “إل إي دي”، لكن لا يزال عدد الدراسات التي يمكن الوصول إليها حول هذه التقنيات أو آثارها طويلة الأمد على العينين قليلا للغاية.
ويرى الكاتب أن الشاشة قد لا تكون السبب الرئيسي في الضرر الذي يلحق بعينيك، لكن سلوكك قد يكون كذلك، حيث يزداد توتر العينين كلما ركزت على شيء قريب لفترة طويلة جدا دون استراحة.
إن القاعدة التي لطالما كانت سائدة عندما يتعلق الأمر بالوقاية من إجهاد العين هي قاعدة 20-20-20: “كل 20 دقيقة، حوّل عينيك للنظر إلى شيء ما على بعد 20 قدما لمدة 20 ثانية على الأقل”، ومع انتشار الوباء وزيادة العمل من المنزل، شكك الأكاديميون بشكل أكبر في قاعدة 20-20-20.
ولكن رغم الشكوك التي تدور حول قاعدة 20-20-20، فإن أخصائيي البصريات سيخبرونك أن البيانات تشير إلى أن أخذ استراحة متقاربة من العمل قد يكون مفيدا. لذا، خذ استراحة من العمل أو حدق بعيدا عن الشاشة بشكل دوري.
واستعرض الكاتب بعض النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها عند شراء شاشة جديدة، مشددا على ضرورة شراء واقي شاشة لجهاز الحاسوب إذا كنت ترغب في حماية شاشتك الحالية، حيث تعتبر الشاشات ذات اللمسات غير اللامعة مفيدة بشكل خاص في تقليل الوهج.
وذكر الكاتب أن شركة “تي يو في راينلاند” تقدم عددا من شهادات الأمان وغيرها من الشهادات المعترف بها، ومن أبرز هذه الشهادات المتعلقة بالتكنولوجيا هي “شهادة راحة العين من تي يو في راينلاند”، التي تتحقق في أحدث إصدار لها لعام 2023 من مجموعة من الأمور، مثل الوميض، وإدارة الإضاءة المحيطة.
وأفاد الكاتب بأن الشاشات المنحنية تسمح لنا بمراجعة مساحة أكبر من الشاشة بسرعة مع تقليل حركة العينين. ويمكن للرؤية الجانبية (المحيطية) فحص الحواف، كما أن شكل الشاشة ليس مختلفا كثيرا عن شكل العين المنحنية. وفي الواقع، أظهرت دراسة أجريت في عام 2016 أن المشاركين عانوا من إجهاد أقل في العين وضبابية أقل في الرؤية أثناء البحث عن المعلومات على الشاشات المنحنية مقارنة بالشاشات المسطحة.
وإذا كنت قد اطلعت على أفضل الشاشات المنحنية، فستعرف أن لها تصنيف انحناء يُعبّر عنه برمز “آر”، الذي يمثل المسافة بالمليمترات التي يجب أن تجلس بعيدا عنها لتكون ضمن الدائرة التي ستشكلها، ولكن، ما هو التصنيف الأفضل؟ أظهرت دراسة أخرى في عام 2016 باستخدام شاشات مسطحة وشاشات بانحناء 1000 آر و2000 آر و3000 آر و4000 آر أن الشاشات ذات انحناء 1000 آر كانت أفضل بكثير من الشاشات المسطحة في تقارير آلام العين من المستخدمين.
وخلص الكاتب إلى أن الشاشات المنحنية أفضل لإجهاد العين من الشاشات المسطحة، وتبين أن الشاشات ذات الـ 1000 آر أفضل في ألم العين.
وقال الكاتب إنه لا ينبغي أن يكون أي مشكلة في استخدام التلفزيون بالنسبة لصحة العين. ومع ذلك، نظرا لأن التلفزيونات مصممة لتوضع بعيدا وتكون عادة أكبر حجما، قد تكون التجربة غير مريحة قليلا. ومن الأفضل عادة اختيار شاشة مصممة بتقنية خالية من الوميض ومصممة لمراعاة صحة العين بدلا من التلفزيون، لكن يجب ألا يسبب التلفزيون الصغير أي ضرر لعينيك.
وأكد الكاتب أهمية الاهتمام بصحة العينين، ورغم أنه قد يبدو أن الشاشة هي مصدر مشاكل العين، فإنه قد تكون هناك أشياء أخرى خاطئة، ناصحا بضرورة مراجعة طبيب العيون إذا استمرت المشاكل.